إن عمل بناة السلام ليس بالأمر الهين. فهم يعملون في سياقات متقلبة ويضطرونباستمرار إلى تجاوز تحديات جديدة، ولذلك يحتاجون إلى وقوف الممولين بصفهم لتوفيرالدعم المالي الذي يساعدهم على تلبية الاحتياجات المحلية على المدى الطويل والتكيفمع احتياجات المجتمع المتغيرة.

لا يمكننا تشكيل هذا التحالف الحقيقي إلا لبعض الوقت، من خلال التبرعاتالسخية وغير المقيدة من الناس والتمويل من ممولين مرنين ومتعمدين على الثقة. لاتقدّر مصادر التمويل هذه بثمن وكنا لنعتمد عليها بالكامل لو استطعنا ذلك، ولكنهالا تتوفر بشكل كافٍ.

بالمقابل، نعتمد على التمويل الأكثر انتشارًا في قطاعنا، وهي المنح المقيدةللمبادرات القصيرة الأجل والمحددة زمنيًا، مع فرض متطلبات صارمة على الشركاءالمحليين في الوصول إلى الأموال.

ولكن لماذا يقوم الممولون، بمن فيهم نحن، بالتمويل بهذه الطريقة أساسًا؟

لماذا لا نختار العمل كحلفاء بدلًا من ذلك؟

لماذا لا نضمن دائمًا قدرة بناة السلام على التكيف؟

لماذا نتوقع منهم قضاء ساعات في ملء نماذج العناية الواجبة أو التقارير،والتي نادرًا ما تُصاغ بلغتهم الخاصة، بدلاً من القيام بتحويل للنزاع منقذللحياة؟

لماذا يضطرون إلى تبرير كيفية إنفاق كل قرش، في حينأنهم أدرى منا باحتياجات سياقهم؟

الحقيقة هي أن الكثير من الممولين، بما في ذلك Peace Direct، يركزون على إرضاء العمليات الإدارية الخاصة بهم أكثر من تقديم الدعم الفعال. حتى في الآونة الأخيرة، رأينا الممولين يطالبون بإعداد تقارير مكثفة كل أسبوعين، ويطلبون معلومات من شأنها أن تعرض المجتمعات للخطر، ويخالفون العقود متعددة السنوات بإشعار مدته شهر واحد فقط.

نعلم أن بعض الممولين يعتبرون أن التحول بعيدًا عنالتمويل المقيد أمر محفوف بالمخاطر، ولكن ماذا عن المخاطر التي نعرض بناة السلاملها؟ ألا يكمن الخطر الأكبر في احتمال تصاعد العنف بينما نعجز عن التحلي بالمرونةالكافية لتمكين بناة السلام من الاستجابة؟

لعل التغيير ليس بالأمر السهل، ولكنه تحدٍ لا يمكنتجاهله. اقرأ وجهات نظر شركائنا حول تأثير نُهج التمويل لمعرفة السبب. ثم واصلالقراءة للتعرف على الطريقة التي نتغير بها نحن وبعض ممولينا نحو الأفضل.

معًا يمكننا أن نبلي بلاءً أفضل. لقد أثبت الكثيرون من الممولين الذين نعملمعهم أن التغييرات التي يحتاج إليها شركاؤنا ممكنة جدًا، وبدعم منا استمعوا إلىوجهات نظر شركائنا والتزموا بتقديم تمويل أفضل.

كان من المفترض إجراء حوارات صعبة داخليًا وتحدي الافتراضات والتعرف علىالطريقة التي يمكن بها للممارسات أن تعزز ديناميات السلطة الإشكالية، ولكنهم جعلوامن بناء السلام أولوية ونجحوا في تغيير نُهجهم.

تبدو هذه التغييرات مختلفة بالنسبة إلى كل ممول، وقد تتمثل بفرض متطلباتأقل صرامة لناحية تقديم التقارير، وتسريع عمليات اتخاذ القرار، والمشاركة في بناءالميزانيات مع بناة السلام والتأكد من إمكانية تعديلها بمرونة في وقت قصير، جعلمقاييس النجاح أكثر صلة بالسياقات التي يعمل فيها شركاؤنا، تحمل عبء قواعدالامتثال الوطنية بدلاً من إلقائه بالكامل إلى الشركاء.

مهما كان الأمر، فإن هذه الرمال المتحركة تخلق عالماً يكون فيه التمويل أكثر عدلاً وإنصافًا. عالم يكون فيه السلام ممكنًا أكثر.